Monday, August 18, 2008

فنجان القهوة




القهوة هي هذا الصمت الصباحي الباكر المتأني

والوحيد الذي تقف فيه وحدك مع ماء تختاره بكسل و عزلة في ‏سلام مبتكر مع النفس والأشياء

وتسكبه على مهل في إناء نحاسي صغير و داكن و سري اللمعان ، أصفر مائل إلى ‏البني ثم تضعه على نار خفيفة ،

آه لو كانت نار الحطب..........‏


والقهوة هي مفتاح النهار:

هي أن تصنعها بيديك لا أن تأتيك على طبق لأن حامل الطبق هو حامل الكلام

والقهوة الأولى يفسدها الكلام ‏الأول لأنها عذراء الصباح الصامت، الفجر نقيض الكلام ورائحة القهوة تتشرب الأصوات ولو كانت تحية رقيقة ‏مثل صباح الخير وتفسد....‏


لأن القهوة فنجان القهوة الأول هي مرآة اليد
واليد التي تصنع القهوة تشيع نوعية النفس التي تحركها وهكذا فالقهوة ‏هي القراءة العلنية لكتاب النفس المفتوح
والساحرة الكاشفة لما يحمله النهار من أسرار.‏


أعرف قهوتي وقهوة أمي وقهوة أصدقائي أعرفها من بعيد وأعرف الفوارق بينها ..

لا قهوة تشبه قهوة أخرى

ليس ‏هناك مذاق اسمه مذاق القهوة

فالقهوة ليست مفهوما وليست مادة واحدة وليست مطلقا

لكل شخص قهوته‏الخاصة الخاصة إلى حد أقيس معه درجة ذوق الشخص وأناقته النفسية بمذاق قهوته،

ثمة قهوة لها مذاق الكزبرة ‏وذلك يعني أن مطبخ السيدة ليس مرتبا ،

وثمة قهوة لها مذاق الخروب ذلك يعني أن صاحب البيت بخيل

وثمة قهوة ‏لها رائحة العطر ذلك يعني أن السيدة شديدة الاهتمام بمظاهر الأشياء

وثمة قهوة لها ملمس الطحلب في الفم ذلك ‏يعني أن صاحبها يساري طفولي

وثمة قهوة لها مذاق القدم من فرط ما تألب البن في الماء الساخن ذلك يعني أن ‏صاحبها يميني متطرف

وثمة قهوة لها مذاق الهال الطاغي ذلك يعني أن السيدة محدثة النعمة.‏


لا قهوة تشبه قهوة أخرى لكل بيت قهوته ولكل يد قهوتها لأنه لا نفس تشبه نفسا أخرى ،

وأنا أعرف القهوة من ‏بعيد تسير في خط مستقيم في البداية

ثم تتعرج وتتلوى وتتأود وتتلوى وتتأوه وتلتف على سفوح ومنحدرات ‏تتشبث بسنديانة أو بلوطة وتتغلب لتهبط الوادي وتلتفت إلى ما وراء وتتفتت حنينا إلى صعود الجبل وتصعد حين ‏تتشتت في خيوط الناي الراحل إلى بيتها الأول.‏


رائحة القهوة عودة وإعادة إلى الشيء الأول لأنها تتحدر من سلالة المكان الأول،

هي رحلة بدأت من آلاف السنين ‏وما زالت تعود ،

القهوة مكان القهوة مسام تسرب الداخل إلى الخارج وانفصال يوحد ما لا يتوحد إلا فيها هي ‏رائحة القهوة هي ضد الفطام



محمود درويش



سأفتقدك كثيراً يا نصف قلبي ...


في كل مرة كنت أغادر فيها أمسية لمحمود درويش ، اشعر أن الليل ليس هو الليل، وان الهواء ليس هو الهواء، وان الكتابة ليست هي الكتابة، لكن ما حدث معي ليلة أمس في تأبينه في مسرح الجنينة ، لم يكن يشبه ما اعتدت على إحساسه، الحشود الهادئة التي تدفقت على البوابة نساء ورجالا، طوابير السيارات التي اصطفت على المدخل، ما الذي حدث لي تلك الليلة يا محمود درويش ؟ ما الذي فعلته بي ؟ في كل مرة اسمع فيها شعرك بصوتك، افرح، افرح فرحا غير عادي، فصوتك يعطي شعرك طابعا سماويا، وطعم تلال منصوبة، بإصرار ومكر في وجه الزمن الذي يريد أن يسوى الأرض بجرافته، صوتك وأنت تتغزل بالنساء الطويلات والقصيرات، يفرح حتى الشهداء في قبورهم، كان كل شيء يختلط بكل شيء فيما يشبه كرنفال احتفالي ، يرن صوت درويش العظيم في روحي وهو يقول : "حاصر حصارك لا مفر"، في الصباح، سوف اذهب إلى عملي، وأحتسي فنجان قهوتي الصباحي وأنا أتذكر عشقه للقهوة وقصيدته التي فجأتني وأستدعي مارسيل ليكمل معي طقوس حدادي الخاصة جدا ، سوف اركض إلى الأعمال الكاملة لمحمود، زملائي سوف ينظرون إلي كآبتي بإستغراب شديد حين أطلعهم إني حزينة لرحيلك فكثيرون منهم لا يمتلك تاريخا معك ، ولكن لا تحزن يا نصف البرتقالة فهم غائبين عن الوعي في كل شئ، صفحة واحدة من شعر محمود درويش كل يوم، أغنية لفيروز، التسبب في ضحكة طفل في الطريق، نصف ليلي أنزفه باكية أو راقصة، فنجان القهوة والسيجارة الصباحية هكذا أعيش، ، كل أشجار البن في روح درويش، وكل دخان العالم في شعر درويش، محمود ظاهرة غير معتادة، لا يسمح لأحد أن يعتاده، فالعادة تولد النسيان وتشبه الموت،كان يفاجئنا كل يوم، بطريق التفافية جديدة نحو جمالنا، ورشاقتنا، هو رسول ينابيعنا وروعتنا وفضائحنا الجميلة وأخطائنا الرائعة.
حبيبي محمود، لا أستطيع التفريق بينك وبين حلمي المتواضع بالعدل والحرية لكل الفقراء، ،
ولكن يا عزيزي كان يجب أن تموت ، لست قلقة عليك هناك فأنت مقاتل صلب حتى في وجه الموت الذي تحدثت عنه كثيراً.
"لاشيء يُوجِعُني على باب القيامةِ .
لا الزمانُ ولا العواطفُ . لا
أُحِسُّ بخفَّةِ الأشياء أَو ثِقَلِ
الهواجس . لم أَجد أَحداً لأسأل :
أَين (( أَيْني )) الآن ؟ أَين مدينةُ
الموتى ، وأَين أَنا ؟ فلا عَدَمٌ
هنا في اللا هنا … في اللازمان ،
ولا وُجُودُ ...."

"وكأنني قد متُّ قبل الآن …
أَعرفُ هذه الرؤيا ، وأَعرفُ أَنني
أَمضي إلى ما لَسْتُ أَعرفُ . رُبَّما
ما زلتُ حيّاً في مكانٍ ما، وأَعرفُ
ما أُريدُ …
سأصيرُ يوماً ما أُريدُ

سأَصيرُ يوماً فكرةً . لا سَيْفَ يحملُها
إلى الأرضِ اليبابِ ، ولا كتابَ …
كأنَّها مَطَرٌ على جَبَلٍ تَصَدَّعَ من
تَفَتُّح عُشْبَةٍ ،
لا القُوَّةُ انتصرتْ
ولا العَدْلُ الشريدُ

سأَصير يوماً ما أُريدُ"...

سأفتقدك كثيراً يا نصف قلبي ...

Friday, August 08, 2008

يوسف شاهين في مقابر الصدقة


وقفت لدقائق أمام مقبرة شاهين ، و سمعت بأذني موسيقي هارب حزينه وأنغام متناثرة لموسيقي كمال الطويل و عمر خيرت التي زينت أفلامه ، كما كان صوت منير حاضراً بقوة وكأنه يقرأ تراتيل نوارنية علي جسد شاهين المسجي داخل درج ضيق في دولاب من الأسمنت بعدما كانت حدود الدنيا لا تسعه .
ذهبت إلى الإسكندرية خصيصا للبحث عن مقبرة شاهين ولم اصدق المعلومات التي حصلت عليها من مصادر وثيقة الصلة بشركة مصر العالمية والتي أفادت أن مسلسل إهانة شاهين لم تتوقف عند حدود خروجه من الباب الخلفي للكنيسة وحرمانه من الجنازة الشعبية التي حلم بها بل انه وصل إلى دفنه بطريقة غير لائقة ولا تناسب مواطن من الدرجة الثانية .

الحكاية بدأت عندما ذهب كلا من جابى وماريان خورى وخالد يوسف لدفن جثمان شاهين فى مقابر أسرة خوري المدفون فيها والدهم وزجته ايريس شقيقة شاهين الوحيدة ، وكان فى استقبالهم اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية وبعد فتح المقبرة لم يجدوه مكان بداخلها لدفن الجثمان ، فوقعوه فى أزمة كبيرة ، فتقدم جابى خورى لسؤال الاب سمير سعادة راعى كنيسة الروم الكاثوليك عن حل لهذه الأزمة الكبيرة ، فاقترح الاب سعادة ان يتم دفن جثمان شاهين مؤقتا فى مقابر جمعية التى تم بنائها خصيصا للموتى الذين لم يشتروه قطعة ارض فى المقابر والذين ليس لهم مقبرة عائلية فى مقابر الروم كما هو معتاد ، حيث تشبه هذه المقابر مقابر الصدقة الى تبنيها الجمعيات الخيرية للموتى الذين ليس لهم اهل معروفين او ليس لديهم مقبرة خاصة ، وضعت هذه الأزمة عائلة خورى فى أزمة واضطروه الى حفظ ماء جبينهم بشراء قطعة ارض صغيرة فى مدخل المقابر للبناء عليها مقبرة خاصة ليوسف شاهين ، حيث أعلنوه انهم سيبدؤن العمل فى المقبرة فور ا ، بحيث يتم الانتهاء منها بعد أسبوعين على الأكثر ويتم نقل رفاة شاهين إليها . وبدأت مراسم دفن الجثمان فى فتحة ضيقة بجدار ضخم وسط مجموعة مختلفة من البشر المجهولين الأسماء ! والأدهى من ذلك ان العائلة الكريمة لم تكلف نفسها وضع شاهد على قبر شاهين لتعريف زوار قبره بمكان وجوده ، لذا يضطر الزائر الى سؤال حارس المقبرة الذي يشير بيده الى مكان جثمان شاهين ، وهذا يعنى انه ترك احد من العاملين وظيفته فلن يعرف احد مقبرة شاهين التى سيطويها النسيان ، خاصة وان المقبرة المزعومة التى كان من المفترض بنائها لم يتم البدء فيها حتى الآن ، على الرغم من إعلان جابي انه سينقل جثمان شاهين بعد أسبوعين إلى مقبرته الجديدة ! وعند مواجهة جابى خورى بما حدث فى المقبرة رد على أصدقائه بأنه اشترى قطعة الأرض التي سيبنى عليها المقبرة منذ سفر شاهين إلى فرنسا وانه كان يعلم بالأزمة لكنه انشغل بمرض شاهين ولم يعطى أمر ببناء المقبرة . وحتى هذا العذر لم يعفى العائلة من تحمل المسئولية .بل انه يزيد منها ، لأن حالة شاهين كانت متدهورة قبل شهر من وفاته . وكان يمكن لجابى ان يبنى المقبرة خلال هذه الفترة لكنه لم يفعل كما انه لم يبدأ فى بناء المقبرة بعد الوفاة كما ادعى .

ويزداد الموقف خطورة إذا علمنا أن لمقابر الصدقة او المقابر الجماعية نظام خاص ، فبعد فترة من الزمن يقوم المسئول عن المقبرة بجمع رفاة الموتى الذي مر على وفاتهم 10 سنوات او أكثر لوضعها فيما يسمى " عضامة " يجمعون فيها رفاة جميع الموتى حتى يتم إخلاء بعض الأماكن لجاثمين جديدة ، لأن هذه الأماكن ليست ملك لأحد على عكس المقابر العائلية التي لا يتم الاقتراب منها إلا بموافقة أصحابها .
ذهب شاهين إلي هناك وحيداً ،فلم يفكر أحد من تلاميذه أو محبيه أن يذهب لزيارته في مثواه الأخير ، لم يهتموا بالأستاذ ، لكنهم اهتموا بالظهور في العزاء بإستديو النحاس حيث الكاميرات والفضائيات والصحافة ،اهتموا فقط بإدلاء التصريحات عن يوسف شاهين ،اهتموا أن يظهروا في ثوب الحزن حتي يكسبوا اعلاميا من وراء هذا المسلسل العبثي ..
هل يستحق منا العصفور كل هذا الجحود أن يموت هكذا بلا جنازة شعبية تليق بمكانته في قلوب محبيه ، ولا مكان يليق برفاته ، لن نترك شاهين في مقابر الصدقة .
واذا كان ورثيه غير الشرعي خالد يوسف ، وابنا اختيه ماريان و جابي لايقدران علي أن يضعا شاهين في المكان الذي يليق به ، فلنعلن حملة لبناء مقبرة تليق بعظمة هذا الإنسان الذي ملأ حياتنا فناً وقيماً وحرية ..
ولنطلب أن يسمي شارعاً في الإسكندرية بإسمه تخليدالذكراه ...
أسماء علي
رشا عزب "جريدة الفجر

Wednesday, August 06, 2008

خايف أصحي مالاقيش مصر :(



ساعات بقلق بالليل

يعني بالليل شوية كده

قبل الفجر

حسب الظروف كده

بعد العصر

خايف يوم أصحي..

وأفتح الشباك..

مالاقيش مصر


ألاقيها لمت هدومها ومشيت

لمت هدومها

علي نيلها

علي هرمها

وطفشت

وحلفت ميت يمين ماهي قاعدلنا

ماهي زهقت..

تعبت..

إتخنقت

أصلنا زودناها..

أكننا استعمرناها..

ورثناها


مصر البنوتة الحلوة

اللي زي القمر

بقت عجوزة وشايبة

وبان عليها الكبر


خايف يوم أصحي..

وأفتح الشباك..

مالاقيش مصر

احتمال يكون ..علي سلامه

Monday, August 04, 2008

طفل صغير


عندما تلتقي بأصدقائك القدامي

ممسكين بأيدي صغارهم

سوف تتحاشي كالعادة النظر في عيونهم

ثم تنعطف في أول شارع يقابلك

لكنك إذا اضطررت لتبادل بعض الكلمات العابرة

فسوف تستطرد كالعادة

في الكلام عن مساؤي الزواج

وعن مزايا الحرية

وعن متعة التنقل بين زهرة وأخري

- هذا إذا كانت هناك أية زهور -لكنك بعد ثلاثة خطوات بالضبط

لن تستطيع أن تمنع نفسك من الإستدارة للخلف

لتلقي نظرة أكثر تمعناً

علي طفل صغير

هو بالتأكيد لا يشبهك