Saturday, May 14, 2011

سجن القناطر..الآن نفتح الصندوق







يوم 7 مايو 2006 كان يوم فارق في حياتي دخلت السجن وخرجت وفضلت متماسكة علي الآخر..وفضلت أحب البلد دي..وفضل جوا القلب أمل.


خبر سوزان انها خدت 15 يوم علي ذمة التحقيق فرحني أوي..خبر انها جالها استبحس وهتقضهم في العناية المركزة في شرم الشيخ حسسني بوجع كل الوقت دا وانهارت جد..وبجد الست دي لازم تتحبس..وتحس بالإهانة اللي حسيت بيها . من أول قسم السيدة زينب مرورا بتخشيبة الخليفة..مقر أمن ادولة بمدينة نصر..سجن القناطر.


هاحاول احكيلكوا شوية من الحكاية عشان تفهموا أد ايه اللي حصل حفر في روحي بجد..لدرجة المرض الجسمي الي لسه باتعالج منه...بس أنا كنت جدعة لغاية ربع ساعة فاتت.


يوم 7/5 سنة 2006 سنة التضامن مع القضاة..اللي خذلوني تماما وكانوا سبب في احباطي..المهم من غير تفاصيل.




كنا رايحين شهود نفي عشان أصدقاء كتير كانوا بيتعرضوا علي محكمة جنوب القاهرة ..قصره..كردوننا علي طريقة العصر الشهيرى وثبتونا فوق الخمس ساعات ف الشمس وبعدين قرروا يقبضوا علي كل اللي في الكردون..وكان موجود سامي سيدهم ..مدير مباحث العاصمه..وكان متغاظ مني بشكل شخصي لأنه في وسط اليوم لما كنت باشتم الظباط كالعادة و.."أمن الدولة كلاب الدولة" وكدا..جه جنبي وبابتسامتهم الصفرا القذرة المعتادة قالي: "عيب كدا يا بنتي أنا زي أبوكي"... فطبعا قتله :"لأ..أنا مايشرفنيش تبقي أبويا"..فيظهر انه قفش أوي وخد الموضوع شخصي أوي.. فلما كان بيتقبض علينا ضربني بجد أوي وف كل مكان في جسمي..لدرجة ان جسمي فضل وارم وفيه كدمات لمدة عشر تيام وأنا ف السجن..وبجد كنت موجوعة جدا..رحت مستشفي السجن وشفت المساجين الفقرا بيتعاملوا ازاي معاملة أقل من الكلاب ومبيتعالجوش..فيه مسجونات كتير ماتت وهي بتولد..مفيش أي نوع من أنوع العلاج..لدرجة اني لما نجحت اقابل الدكتورة البشعة بعد أكتر من اربع ساعات ادتني دوا بيعالج الجرب..عشان الكدمات..لأن دا المرهم الوحيد الي كان عندهم..


ف نفس الوقت كان فيه ست مهمه اسمها مني الشافعي من عنبر الأموال العامة اللي هما هوانم السجن بفلوسهم طبعا..كانت محتله أكتر من نص المستشفي . والستات اللي بيولدو بيقعدوا في عنبر التحقيق كل اتنين علي سرير.


أول ما اتقبض علينا بنات وولاد ودونا علي قسم السيدة زينب.. الولاد اضربوا واتذنبوا واحنا اتفتشنا بشكل مهين..احنا كنا مهربين تليفون ف هدومي ، علي الساعة 6 كدا طلبت منهم اني أدخل الحمام، صمموا يفتشوني تاني بس الموظفة الست الي كانت في القسم مشيت وكان لازم يدوروا علي واحدة ست تفتشني، بعتوا اتنين امناء شرطة للشارع قبضوا علي واحدة ست من الشارع في أواخر اللتلاتينات وواضح انها شحاته مشهورة من المرشدين بتوعهم..الست دي كانت ريحتها وحشة أوي وايديها وسخة أوي..وكانت حاسه انها بقت رئيس وزرا فجأة والقسم عايزها في مهمة قومية وقررت انها تعمل مهمتها بكل تفاني..بعد ما فتشتني ولاقيت معايا التليفون..ساومتني علي فلوس..هما كانوا خدوا كل الحاجات بتعاتنا..كان بس فيه في ايدي خاتم دهب صغنن كدا..الحاجة الوحيدة الدهب اللي كنت بالبسها..أمي كانت جايبهولي هدية نجاحي في الإعدادية..خدته مني عشان ما تبلغش عني. اتوجعت أوي بجد..ماحكيتش الموضوع دا لحد خالص قبل كدا.


"أرفض التحقيق شكلا وموضوعاً..وأطلب المثول أمام قاض تحقيقات"..دي الجملة اللي كان بيحفظاهنا سيف كل يوم لأننا كنا عارفين في الوقت دا ان كلنا وارد نتحبس  ..رحنا قلنا الكلمتين وهتفنا وقلنا "كلمة وقالها كل مناضل..تحقيق أمن الدولة باطل" وقولنا الي نفسنا فيه وطبعا اترزعنا الخمستاشر المتينة


قوم بقي كان لازم نبات ليلة في تخشيبة الخليفة عشان نترحل علي القناطر... وناس كتير من اصحابي تعرف كويس يعني ايه الخليفة بس ميعرفوش حاجة عن تخشيبة الستات..


ما علينا..الصبح بدري عربية الترحيلات جت تاخدنا يوم 8 مايو عشان نروح السجن.. اترحلنا مع جنائيين كتير..ريحة العربية زي حمام عمومي الناس بتعمل فيه بيبيي من ايام هوجة عرابي علي أقل تقدير مع الحر بقي الريحة كانت مستحيلة، بس كنا متماسكين وبنغني وبنخلي الستات تغني معانا حتي العساكر اللي كانوا معانا في العربية.
كان معانا واحدة ست حامل في السابع وكانت هتموت من الحر ومكنش فيه حاجة نقعد عليها واسواق كان حيوان بينقي المطبات ويمشي من عليها ..الست كانت بتموت فعلا..كان كل همنا نوصل السجن بسرعة عشان الست دي تخش المستشفي..


أول ما دخلنا كنا بنتعامل زي ما بيعاملوا كل المسجونات..قلة أدب وشتيمة..أول ما دخلنا قعدنا ننادي علي المأمور عشان يدخلوا الست المستشفي..مكنش فاهم احنا مالنا ومالها وليه محموئين أوي وازاي أصلا داخلين السجن ونزعق...المهم اجراءات دخول السجن معقدة لازم نقلع اللبس الملون نلبس جلابية بيضا شاش مكتوب عليها من ورا "مسجــــون" وقبل ما نلبس الأبيض كان لازم نتفتش تفتيش ذاتي أقرب للتحرش الجنسي..طبعا عملنلاهم فيها مجانين وقولنلهم داخلين اضراب عن الطعام لو عملتوا معانا كدا...


أنا كنت بادخل الحمام أعيط جوا كل يوم..جسمي باظ من كتر الناموس وقلة النضافه..الحمام كان وحش أوي أوي..وكنت بانام في مكان ضيق أوي..وكانت بجد صعبانه عليا نفسي جدا وكل شوية أقول: "كدا يا مصر  " كان صعبان عليا أوي منها.
مش هانسي منظر أبويا وأمي لما جم يزورني أول مرة وشافوني لابسه الجلابية البيضا.. وخاتمني لي ايدي بختم الزيارة..مش هانسي دموع ابويا اللي أول واخر مرة أشوفها في حياتي..مش هانسي أمي لما انهارت..


مش هانسي لما رشا كانت هتموت مننا ولما طلبنالها دكتور، الستات اللي كانوا في العنبر حكولنا ان ستات كتير ماتت بسكتات قلبية وامراض مفاجئة والسجانات كانوا بيقولولهم لو ماتت لفوها في بطانية وحطوها ورا الباب لغاية الصبح..وبعد كدا يدفنوها في مقابر الصدقة. حسيت أد ايه الفقرا رخاص أوي في البلد دي.


بس كنا جدعان لغاية أخر نفس فينا وماقدناش نعيط ونقوللهم ما كانش قصدنا..دفعنا التمن من غير ما نبقي نجوم الثورة ومطربنها وامهاتها وابهاتها وائتلافتها وسلاطتها واحنا اللي صحينا بدري ورحنا الثورة قل كل الناس وكدا يعني..مشيناها خطي موجعة من بدري


حاجات كتييييييييييير تخليي موضوع ان سوزان تخش سجن القناطر بالنسبة لي مسألة شخصية وهي الحاجة الوحيدة اللي مكن تحسسني ان حقيرجعلي..فاهميني؟؟؟

Thursday, May 12, 2011

إمبابة .. لو تعرفوها كما أعرفها



أحزنني بالطبع ما حدث في إمبابة والخطاب السلفي المتدني والمحرض ضد المسحيين وتخاذل قوات الشرطة والمجلس العسكري كالعادة.
وأدمي قلبي بسبب رمزية المكان ، إمبابة بالنسبة لي مكان انطلاق الثورة..يوم 25 يناير صباحاً كنت هناك وكنت مع مظاهرة شعبية كبيرة تجاوزت العشرة الآلاف وكانوا مدداً عظيما لميدان التحرير..اذكر جيداً تفاصيل هذا اليوم وكيف كنت أهتف" قوم يا محمد قول لبولس..بكرة بلدنا تحصل تونس" وكان هذا الهتاف يلقي ترحيباً شديداً لدرجة ان شاباً يبلغ حوالي 15 سنة اتجه نحوي وطلب مني ان اهتفه ثانية لأن له صديق يدعي بولس..وهو اسمه محمد.
كنا نمر هذا اليوم في حوار وأزقة امبابة ونسير أيضاً داخل الأسواق الشعبية، في بداية المظاهرة كان عددنا قليل حوال 25 ناشطاً بدأنا مظاهرتنا من داخل مقر حزب التجمع وتم كردتنا بعد حوالي 100 متر ، تسلل اليئس إلينا ونحن وحيدين داخل المظاهرة بعد حوالي نصف ساعة ظهرت مظاهرة كبيرة من الإتجاه المقابل مئات من الجماهية الذين كسروا الكردون فحررونا لنطلق معاهم.
طبعاً كعادة المسسين لم نثق فيهم في البداية توجسنا أن تكون هذه لعبة من الأمن فكان بعض الرفاق يرفض توجيهات الشباب للسير في شوارع معينه، اقترب مني أحد هؤلاء الباب وعرفني بنفسه "أنا مايكل .. سواق توكتوك" .. "وأخرج من محفظته ورقة عليها رسم كروكي عليه علامات × في مناطق مختلفة وقال وهو يشير بإصبعه إلي هذه العلامات "بصي بقي يا أبلة أنا وزمايلي بنلف من امبارح بالليل التكاتك كانت سارحه طول الليل ف كل شارع فيكي يا إمبابة وعارف الكلاب بتوع الداخلية قاعدين فين وفين عربيتهم واحنا هنمشيكوا من حتت ميعرفوش يطولونا فيها.. ربنا ينجحنا ويقدرنا علي ولاد الكلب بتوع قسم إمبابة دول..قولي انتي بس ومالكيش دعوة وقولي لزملاتك"
كان جسدي يقشعر في وقتها لما لمسته من صدق في حديث مايكل، وشعرت ساعتها أن الثورة ممكنة، وهذا ما حدث بالفعل استطعنا بمساعدة مايكل ورفاقه باللف داخل شوارع امبابة حوالي سبع ساعات دون أن تدركنا هروات الأمن المركزي..
لم تخذلني إمبابة، خضت العديد من النقاشات مع الكثير من الرفاق الذين كانوا يشككون في أهمية هذا المكان وانسحب بالفعل البعض منهم في بداية اليوم..كانت هذه مقدمه لابد منها للتدوينة القادمة.