Sunday, January 09, 2011

عن الإسكندرية حبيبتي التي لم تعد مدينة الرب




أستقبل كل الأنباء القادمة من الإسكندرية بمزيد من الوجع لحال هذه المدينة، التي اطلقت عليها يوماً مدينة الرب من فرط ما أحسست انها من أكثر الأماكن نورانية في هذا العالم، تتوالي منها أنباء كثيرة عن حالات تعذيب بشعة أفضت إلي الموت "خالد سعيد" و "السيد بلال مؤخراً.
ولكن ما حدث عيشة رأس السنة بكنيسة القديسين فاق بالنسبة لي كل الألم، لأنه مؤشر بالنسبة لي علي انهيار أهم القيم التي تجعل الإسكندرية مدينة جد مميزة وهي أنها دوما كانت تستوعب العديد من الديانات والجنسيات، كانت الإسكندرية مدينة متسامحة إلي حد قبولها بوجود مقابر للملحدين.. عند الشاطبي.، كان معتادًا أن يكون ديفيد اليهودي وتوماس الأرمني ومختار القبطي ونيقولا اليوناني وحسني المسلم أصدقاء ..يحتفلوا سوياً بكل الأعياد.. ويأكلوا سوياً في كل البيوت.. و كان المعتاد أن يضم نفس البيت أسرة ايطالية جنباً إلي جنب بجوار أسرة اسكندرانية تحمل أصولها من الصعيد الجواني.
كانت الإسكندرية صورة أكثر جمالا من روما وأكثر تحضرا من أثينا وأكثر جاذبية من باريس.. اليوم أصبحت الإسكندرية صورة منافسة لبغداد.. وكابول.. وإسلام اباد.
كان داود عبد السيد محقاً في ما صور لنا ببراعة في فيلمه الأخير "رسائل البحر" وهو يصور لنا برمزيته المتقنه كيف أن فرانشسيكا التي تمثل قيمة الكوزموبوليتان تتضطر إلي أن تبيع بيتها الذي يميزه المعمار القديم الذي نراه في كل عمارات ومباني اسكندرية الثلاثينات والأربعينات إلي أحد رجال الأعمال المتحدثين بإسم الدين الذين يحولون كل شئ في حياتنا إلي سلع مبتذلة .
كنت أري هذا التحول بعيني في المد الوهابي البغيض الذي يحيط بالمدينة في زياراتي المتعاقبة لها في زيادة انتشار النقاب واصحاب الذقون والجلاليب الوهابية وانتشار الملصقات التي تحض علي كراهية أي آخر بداية بالمرأة مروراً بالأقباط..ناهيك عن حاملي الديانات الأخري.
الإسكندرية التي كنا نراها في أفلام يوسف شاهين ومسلسلات أسامة أنور عكاشة وشعر أحمد فؤاد نجم وسيد حجاب ونسمعها في صوت سيد درويش..يبدو أننا نفقدها رويداً رويداً
علي بشاعة كل جرائم التعذيب التي أصبحت حصرياً في أقسام الشرطة بالإسكندرية إلا أن ما حدث بكنيسة القديسين مؤشراً علي حدوث تغير خطير في أهل المدينة.."طول العمر العسكر عسكر بس الناس الناس كانت ناس"

3 comments:

Anonymous said...

كلامك مؤثر جدا يا سمسمة ربنا يرحمنا ويابخت كل من قتل غدرا ولسبب أعتناقه دين بعينه لأن الكتاب يقول
الله ليس بظالم حتى ينسى تعب المحبة مدحت نص

Ahmed Rashwan said...

اسكندرية .. التي كانت..!ا

زفات said...

اسكندريه مائها وسمائها كم احبك


زفات
موقع زفات