Wednesday, February 22, 2006

جغرافيا بديلة

جغرافيا بديلة



إيمان مرسال

لماذا جاءت إلي البلاد الجديدة؟ هذه المومياء: موضوع الفرجة
ترقد بزينتها في كتٌاني رماديٌ: حياة متخيلة في فترينة متحف.
أظن أن التحنيط مسألة ضد الخلود
لأن الجسد لن يكون أبدأ جزءا من وردة
المومياء لم تختر هجرتها بينما هؤلاء الذين انتظروا طويلا في طوابيرالسفارات
وبنوا بيوتا في بلادي أخري يحلمون بالعودة عندما يصبحون جثثا
يجب أن تحملونا إلي هناك­ هكذا يتركون الوصايا في أعناق أولادهم­
كأن الموت هوية ناقصة
لا تكتمل إلا في مقبرة الأسرة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
هنا أيضا أشجار خضراء تقف تحت ضغط الثلج وأنهارلا يتعانق بجانبها عشاق خلسة،
بل يجري بموازاتها رياضيون مع كلابهم في صباح الأحد، دون أن ينتبهوا للمياة التي
تجمدت من الوحدة. ومهاجرون لم يتدربوا علي محبة الطبيعة ولكنهم يصدقون أن نسبة
التلوث أقل وأن بامكانهم إطالة أعمارهم بمضغ الأوكسجين قبل النوم عبر كبسولاتي هوائية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لماذا لم ينسوا أنهم من هناك؟
الغرباء الفشلة
يدربون عضلات أفواههم علي التخلص من اللكنة، اللكنة هي المرض الوراثي الشفاف
الذي يفضحهم، يقفز عندما يغضبون فينسون كيف يضعون أحزانهم في لغة اجنبية
اللكنة لا تموت ولكن الغرباء حفارو قبور بجدارة
يعلقون علي باب الثلاجة أسماء من ماتوا من الأهل حتي لا يخطئوا ويطلبونهم في التليفون
ويدفعون ربع أجورهم لشركات الاتصال
ليتأكدوا أنهم موجودون في مكان يمكن تحديده ببعده عن الطفولة
لماذا لم ينسوا؟.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يجب شراء organic food ولكني منذ ساعة أتأمل صورة أمي جالسة علي
عتبة دار أبيها التي لم تعد هناك: أقصد العتبة رغم أن أمي نفسها لم تعد هناك.
لا أحد يمر في الشارع لأن العربات تدخل وتخرج بالريموت كنترول، كنت قد اشتريت
هذا البيت الذي لا يمكنني الجلوس علي عتبته من أرملة نحات أسباني كان قد بناه علي
أرضِي تؤول إلي مهاجري أوكرانيٌ أعطتها له الحكومة الكندية بعد نزعها من الهنود الحمر
لكي تقيم مدينة فيها عدة جامعات وعشرات من الشوبنج مول وآلاف مثلي يعرفون الفوائد
الصحية للأورجانيك فوود ويمتلكون عربات تدخل وتخرج بالريموت كنترول.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ما تعلمته هنا لا يختلف عن ما تعلمته هناك:
­ القراءة كتذكرة مرور إلي تغييب الواقع.
­ تخبئة الخجل تحت ألفاظ بذيئة.
­ إخفاء الضعف عبر إطالة الأظافر.
­ تسريب الأرق في التدخين دائما وفي ترتيب الأدراج أحيانا.
­ توفير ثلاثة أنواع من قطرة العيون من أجل توضيح الرؤية ثم الاستمتاع بالعمي
والأهم، تلك اللحظة الرائعة من إغماض الجفون علي حريق.
هنا وهناك
تبدو الحياة وكأنها موجودة فقط لتجراقب من بعيد.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
دقائق وتدخلك السكينة التي لا يبحث عنها أحد
فقط اترك رأسك تحت الماء
كيف؟ الفكرة التي تبرق مثل لؤلؤة في سلة مهملات؟ كيف تهدرها هكذا؟
انها فكرتك أنت: مختلفة عنك وأصيلة
هذه الثواني ليست معدودات: إنها النصل الفاصل بين زمنين
تذكٌر الأطباق القذرة في المطبخ... البريد الذي يحمل إعلانات، المصابيح التي تسلط
نفسها في حدقتيك، البروزاك... الرحمة التي لم تعرف أنك تبحث عنها، معك، ستدخل إلي
رئتيك إذا تركت جسدك يهبط ، يهبط للقاع... تحت الماء ثواني أخري، لا حاجة للخوف
الزمن لن يفعل شيئا علي الاطلاق
لن يجعل لشجاعتك ثقل يأخذك لأسفل
الزمن ليس مهما، انه مجرد زمن.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
في قارة أخري، تركت أعداء مساكين، يجب أن تخجل من نفسك عندما تتذكرهم
لا شيء يغضبك الآن، من الصعب أن تقابل شيوعيا كلاسيكيا هنا،
انهم حتي يضعون ساعة في المكاتب العمومية بدلا من صورة الرئيس،
ربما يكون كابوسأ أن تقضي يوما كهذا تحت تأثير المهدئات،
لا شيء جدير بأن تتمرد عليه. أنت مرضيٌ وميت
والحياة من حولك تبدو مثل يدي رحيمة
أضاءت الغرفة لعجوزي أعمي
ليتمكن من قراءة الماضي.

5 comments:

Simsima said...

شكرا جدا علي التعليق،بس مش فاهمة اشمعني أنيس منصور؟

Anonymous said...

million mabrouk ya simsima
awwel magaly elmail beta3ek w shoft 3enwano 2olt howwa da el3enwan elmonaseb
elly badwwar 3aleh lelblogger beta3y elly ha3melo !!!!
w ba3d ma3reft n da 3enwan elblogger beta3ek ETSADAMT :(
mesh moshkela
nedawwar 3ala 3enwan tany w 5alas
million mabrouk tany ya a7la simsima f el3alam w ashofek 3ala 5er qareeban geddan

Mu7ammad (Mido 28) Tolba

Anonymous said...

فكرة البلوج بتاعك جميلة جداً، والموضوعات اللي اخترتيها لنشرها جميلة برضه، قصيدة أمل دنقل وعلي منصور و قصة إيمان مرسال كلها أعمال جميلة، والأهم طبعاً اللي كتبتيه عن نفسك،أسلوبك بسيط ويدخل القلب بسرعة، أرجو إنك تنشري عليه كتابات أكثر ليكي أنت عن تفاصيل حياتك إنت وأكيد اللي هتكتبيه هيكون جميل.

مصطفي
(بتاع جامعة حلوان مش عارف هتفتكريني ولا لأ)

Simsima said...

طبعا فاكراك يا مصطفي . . .أسود حلوان يا فندم ما أقدرش أنساهم
ميرسي خالص ع التعليق والإهتمام

Anonymous said...

لقد أعجبتني هذه القصيدة كثيراً، شكراً يك يا سامية، وأتمنى أن تختاري لنا قصائد أخرى بهذا الجمال والاختلاف.