Monday, June 26, 2006

حيطان

مرغم عليك يا صبح مغصوب يا ليل
لا دخلتها برجليا ولا كان لي ميل.....
شايلني شيل . .دخلت أنا في الحياة ...
وبكرة هاخرج منها شايلني شيل......
عجبي!
يوم آخر داخل جدران منزلنا القابع بالوراق . . أصبح ايقاع الأيام ثقيل للغاية . .اليوم يمر علي حبسي 37 يوم بالتمام والكمال ، فقد تم القبض علينا يوم 7/5/2006 من أمام محكمة جنوب القاهرة ، لا استطيع وصف احساسي بالحيطان ، أصبحت تلح عليا فكرة الانتحار ثانية بشكل متكرر . .من يدري. . ربما يحملني الموت إلي عوالم أكثر رحابة . .أماكن لا تحتاج لإبراز الهوية ،أماكن بلا أسوار ، ولا سجان . .فقد كرهت الحواجز.
نعم ان السجن تجربة خانقة ، لا استطيع ان أدعي أن سجن القناطر كان به تعذيب وتنكيل وانني لم استمتع بالتجربة ،علي العكس ، لم اشعر الا في لحظات قليلة جدا أثناء فترة اعتقالنا انني في سجن حقيقي ، ويمكنني تفسير ذلك لسببين . . .أولهما أنني قررت أن أخوض التجربة بشكل انساني ، فذوبت في تفاصيل كل الستات القتالين اللي عشنا معهم فترة السجن ، فاستوعبني عالمهم بالكامل وتفاصليهم المحزنة والمأساوية والكوميدية والساخرة وألتفاصيل الحياتية اليومية . .فكنت أعيش تفاصيل بشري وهوجان وايمان وحنان وحياة ونعمة نفادي وطنط سامية وحلاوتهم وصفاء وهنية . .شخصيات تستحق أن نفرد لها من وقتنا سنوات وسنوات.
السبب الثاني هو وجود رشا إلي جواري . .لم أكن أصدق من يقولون أن الشدائد تظهر البشر، صدقت هذا فعلا بعد تجربة السجن والحالة الانسانية الفريدة التي نسجت بيني وبينها ، :،ـ أعرف رشا قبل دخولنا السجن وكانت الصورة الذهنية لها بمجرد نطق اسمها في أي مكان انها "بت جدعة" كان هناك حالة بيني وبينها من التفاهم اللامرئي وكانت تظهر بوضوح في الاجتماعات الواسعة لشباب من أجل التغيير أو أي نضال آخر ، فيكفي أن ننظر لبعضنا البعض في اجتماع ما فتجدنا اتفقنا علي طرح نفس الأفكار، كنت أستمتع بشدة بأي عمل جماهيري يجمعنا سويا ، حيث كنا دائما نشكل فريق عمل ناجح للغاية وكانت النتائج مبهرة معظم الوقت ، وبرغم هذا لم تجمعنا أبدا أي جلسات شخصية رغم أني كنت حريصة أن نفعل ، فكنت اهاتفها من فترة لأخري ، ولكن تفاصيل الحياة كانت تمنع حدوث هذا اللقاء . .
وتشاء الأقدار أن نعتقل سويا، فيصبج لدينا متسع من الوقت لنتحدث ونتحدث ونتناقش ونغني ونتألم ونفرح . .عشنا سويا ثلاثون يوماً مررنا فيهم بتفاصيل جميلة وانسانية للغاية ، واكتشفنا مساحات هائلة من التواصل والتوافق ، نتذوق الفنون بشكل متقارب للغاية ،أآرائنا في البشر تكاد تكون متطابقة ،ننظر الي الأشيباء من وجهات نظر متقاربة للغاية. .نشأت بيننا حالة انسانية شديدة الخصوصية ،كنت استمد منها في احيان كثيرة ما يساعدني علي تجاوز الأوقات الصعبة ،لم يكن السجن بالنسبة لي سوي حالة فريدة من التواصل الانساني ،اكتشفت في رشا فتاة رقيقة ورومانسية وحالمة وجدعة جدا وقادرة علي تحمل المسئولية وانسانة للغاية ،فخلف ادائها الحاد الصارم احيانا في الحياة يوجد انسان حقيقي جدا .
لم أشعر بالسجن الحقيقي الا في منزلنا . .اليس هذا غريب !!! أن يشعر الانسان انه مسجون وهو بمنزله وسط امه وابيه واشيائه الخاصة، ولا يشعر به وهو في سجن حقيقي ، لا اسشتطيع حقا ان افسر هذا الاحساس بدقة ، ولكن ما اشعر به أن حيطان منزلنا تطبق علي انفاسي ، اشعر بها تخنقني ، ولا استطيع أن اتنفس بحرية ، اقضي معظم يومي في النوم . . علي رأي فؤاد حداد "لما بانام بحلم وباعيش ، لما بافوق مابافوقش باموت"هذا هو احساسي بالضبط ، عندما انام انتقل الي عوالم حرة ، لكن وانا مستيقظة ليس لدي سوي الحيطان
Simsima
13/6/2006

6 comments:

Anonymous said...

تفاصيلك هذه المرة يا سمسمة مليئة بالشجن.. أذكر انني مررت بتجربة مشابهة و أذكر انني خرجت منها بنتائج غيرت نظرتي للحياة .. باستثناء ان المساجين اقراني كانوا سياسيين وليسوا جنائيين.. و جميعهم من الاخوان
تجربة الاعتقال الجماعي تتيح فرصة للاتجاهات المختلفة ان تتقارب و تلتقي في نقاط مشتركة. لان التجربة الانسانية العصيبة توحدهم جميعا.
تحياتي لك و لرشا و لكل مساجين سجن القناطر الجدعان

eshteraky said...

عموما انا مش حاعرف اتكلم في تفاصيل سجنك كتير بس انا ملاحظ انك تفاصيلك مش بس فيها شجن لكن فيها حزن عميق جدا . تفتكري انت المفروض تحزني ؟ صحيح السياسيين بقوا بيستهبلوا و المثقفين بقوا هبل بالفعل و الادباء بقوا ماسخين زيادة عن اللزوم , إنما في نقطة حلوة اوي ان المناح السياسي دلوقتي بقي غير زمان خالص امال انت لو كنتي اشتغلت سياسة من عشر سنين كنت عملتي ايه
بأمانه انا مش فاهم انا و انت لما اتقابلنا كان من 3 سنين و كانت الانتفاضة خلصت و مجموعه 20 مارس انتهت انت كنت بتوزعي امل و تفاؤل علي الناس ايه اللي حصل انا ما اعتقدش ان سمسمة ممكن تضعف ادام سجن اي سجن
تحياتي
عمر سعيد

Simsima said...

لأ يا عمر انا ما ضعفتش قدام سجون الداخلية ، أبدا أنا مصرة اكتر من اي وقت فات . .بس فعلا الحبسة حاجة مرهقة جدا بشكل نفسي ، انك تبقي محروم من كل حاجاتك اللي بتحبها ، وحاسس ان مصيرك طول الوقت في ايدين ناس تانين ،حتي لو الناس دول ابوك وامك اللي بتحبهم. . .اعتقد ان البشر من حقها تكتئب شوية ، مش عيب يعني !!!

eshteraky said...

اكيد يا سمسم انا مقدر جدا الحالة اللي انت فيها و انت عارفة اني عشت الحاجات دى كتير بس بجد انا صعبان عليا اننا نكتأب او نحبط الايام دي صدقيني الايام الجاية بتاعتنا
عمر

Simsima said...

برغم كل حاجة " اليوم الأجمل هو الذي لم يأت بعد"

Anonymous said...

سمسمة
معلش انا اسف انى مقلتش اسمى ـ انت عايشة فى الوراق وانا اب وعايش فى الناحية المواجهة ليكى من النهر يعنى روض الفرج والساحل منطقة شعبية محافظة ـ ابوكى وامك مشكلتهم الجيران اللى مترحمش خصوصا فى احياءنا الشعبية دخولك السجن بسبب الوطن شئ يشرفنا كلنا بس الجيران امات لسان طويل حيطلعوا كلام تانى انت عرفاة كويس قوى معلش قدرى موقف ابوكى وامك قبل اى حاجة الواحد مهما قدر يتحدى سلطة الحكومة لكن من الصعب انه يتحدى مجتمع تحكمة قواعد مبنية على الجهل خاصة من شوية جيران نسوان اجهل من الجهل ـ ارجو ان تتفهمى الموقف بدلا من الحكم العاطفى علشان تهون الامور ـ اما فكرة الانتحار فهى سوف تضع راس ابوكى وامك واخواتك فى الطين مدى الحياة حيقول الجيران انتحرت علشان فيها وفبها يعنى مش حتسلمى من كلمتين برضة بعد موتك فخليكى احسن على الاقل تقدرى تدافعى عن نفسك وتمشى فى جنازة اللى بالى ـ يؤسفنى الاطالة لكن كان لازم افتح عينك على مجتمعنا اللى انت عرفاة كويس بس فى غمرة الوطنية نسيتى قواعدة اللى زى الزفت لكن لازم نلتزم بيها لاننا عيشين فيها ـ لك خالص تحياتى من اب زى ابوكى وابوكى بيحبك بس بطريقة الاب المصرى اللى خايف عليكى وعديم الحيلة قصاد مجتمع ميرحمش ولا بيخلى رحمة ربنا تنزل